الجمعة، 20 يوليو 2018

المرجعية التاريخية لمؤلفات ابن دحية


اشتهرت مقولة "لا تاريخ بلا مصادر" بين الباحثين في التاريخ، فلا يستطيع الباحث أن يكتب مؤلفه دون الرجوع إلى المصادر التي يستمد منها المادة الأولية التي تمده بالنصوص لكتابة متن البحث، فكتابة التاريخ تعتمد أولا على المصادر، لذلك نرى مؤرخ التاريخ يختلف تمام عن الأديب الذي يمكنه كتابة الروايات والقصص التاريخية من خلال ذاكرته وخيالاته، أما كاتب التاريخ فإنه مقيد بقواعد التوثيق، حيث يسند كل ما يقتبسه من معلومات عن الموضوع الذي يبحث عنه إلى مصادرها الأولية، ويوثقها في هامش البحث، واعتبر العلماء أن المؤلفات التاريخية التي لا تلتزم بقواعد التوثيق لا يعتد بها. 
فقد عمد أعداء الحضارة والمعرفة منذ القدم إلى مصادرة وإحراق المخطوطات والكتب، فقد كانت تنقل المعارف والعلوم وأسرار الحروب من جيل إلى أخر، فقد كان الكتاب هو السلاح الأقوى على مر العصور. فلما دخل الإسبان الأندلس عام 1501م، أمر قائدهم الكاردينال سيسنيروس بإحراق مكتبة (مدينة الزهراء)، والتي حوت أكثر من 600 ألف مخطوط، فضاع الكثير من أمهات الكتب والمخطوطات النفيسة التي ألفها علماء أجلاء في مختلف العلوم بالأندلس، ويذكر أن الجنود الذين وكلوا بهذه المهمة كانوا يخفون بعض من هذه الكتب في أرديتهم نظرا لجمالها وروعتها فقد كتبت بماء الذهب، ويقول ابن حزم الأندلسي في ذلك:
إن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي       تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يقيم معي حيث استقلت ركائبي              وينزل إن أنزل ويدفن في قبري ( [1] ).  


[1] ) ) خالد عبدالخالق العتلة، بن حزم وموقفه من قواعد الاستدلال بتعدية الحكم بغير قياس، ط1، دار الخليج عمان،2012 م، ص33.

ليست هناك تعليقات: